أولا: سعداء بالنشرة العلمية!!
في شعبة العلوم للتعليم الثانوي جاءت سنة 1988م نخبة من الأساتذة الجامعيين وبدأ النشاط العلمي يأخذ منحى آخر تماما عن الأعوام السابقة كنا نؤلف الكتب، ونوصف المناهج ونعدّ وثيقة المنهاج ولوحاته التدفقية، وندرب المعلمين والمعلمات، ونقوم بالإشراف التربوي على المدارس، ونضع أسئلة الاختبارات العامة ونماذج إجاباتها، ونشرف على لجان التصحيح، ونعقد ورش العمل والندوات بالمدارس

وكنا نعمل بروح الفريق تحت قيادة الشيخة لولوة خليفة آل خليفة المتميزة والمقدرة لعملنا ومكانتنا العلمية وإخلاصنا في العمل، اقترحت أنا أن نصدر نشرة علمية نظهر فيها أعمالنا، ونساهم بها مع المعلمين في طرح القضايا العلمية والتربوية المتميزة، وافقت الشعبة على ذلك، ذهبت إلى إدارة المطبوعات بوزارة الإعلام وإلى جريدة «أخبار الخليج» علمت أن هذه نشرة داخلية لا تحتاج إلى تصريح، أسهم الجميع في إصدار العدد الأول في ديسمبر 1993م.

أعطينا نسخة لمدير الإدارة سُرّ بها سرورا كبيرا، ثم وزعناها على المدارس وفرح الجميع بصدورها، وقرر المعلمون والمعلمات الاشتراك في الكتابة بها، قامت شركة غاز البحرين الوطنية (بناجاز) بطباعة النشرة على نفقتها بميزانية متميزة، وفجأة جاءنا أمر بجمع النشرة من المدارس والتوقف عن إصدارها من وكيل الوزارة للمناهج والتدريب لأننا لم نأخذ الإذن في إصدارها، وقع الجميع في حيص بيص، سألنا أنفسنا هل أخطأنا؟! هل في النشرة ما يخرج عن عملنا العلمي في مجال العلوم؟! نحن سألنا في وزارة الإعلام وهذا هو المهم في مجال النشر.

كنا قد أرسلنا العدد الأول إلى وزير التربية والتعليم، والمركز العربي للبحوث التربوية بدول الخليج، ومكتب التربية العربي لدول الخليج، وقسم التوثيق التربوي بالوزارة، و«أخبار الخليج»، وجريدة الأيام وكانت المفاجأة السارة ما جاء في رسالة سعادة وزير التربية والتعليم التي جاء فيها: «وقدرنا هذه البادرة تقديرا مستقبليا إذ أن أول الغيث قطرة، وأول الجهاد خطوة، فعلى بركات الله انطلقوا إلى رحاب العلم والتكنولوجيا معا..».

سعدنا بما جاء في رسالة سعادة الوزير واطمأنت قلوبنا وخاصة أنا الذي طرحت الموضوع، سعدت سعادة بالغة وجاءنا التشجيع من كل من أرسلنا إليهم ومن العديد من المدارس والمعلمين والمعلمات، نشرنا ما وصلنا في العدد الثاني تحت عنوان: قالوا عن العدد الأول من نشرتنا العلمية، وبدأ الجميع يتنافس من أجل عرض الجديد في مجال العلوم والتكنولوجيا والتجارب العملية والأنشطة الميدانية.

إن ما حدث معنا كان أنموذجا لزمام المبادرة والعمل الجماعي والبحث عن التطوير والإخلاص في العمل والشكر واجب لأعضاء شعبة العلوم للتعليم الثانوي ولرئيسة الشعبة التي قادت العمل بعلمية ومهنية وبأسلوب تربوي تعليمي تعلمي متميز، ومازال المعلمون والمعلمات الذين تعاونوا معنا في مجال العلوم في نظام الساعات المعتمدة بالتعليم الثانوي يسمون هذه الأيام بالعصر الذهبي للعلوم ومازال الطلاب يتذكرون اليوم العلمي ومناهج العلوم التي يسرت عليهم الدراسة الجامعية.
ثانيا: وسَعِدا بقتل ابنهما!!

الأبناء فلذات أكباد الآباء، ويخاطب الله تعالى الملائكة عند موت الابن قائلا قبضتم روح فلذة كبد عبدي، ومن العجيب أن يأمر الله سبحانه وتعالى العبد الصالح أو الخضر عليه السلام بقتل الغلام ويقول الخضر لموسى عليه السلام: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)، قال تعالى: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) الكهف (80).

قال بعض المفسرين (أعلم الله تعالى الخضر أن الغلام طبع يوم طبع كافرا، وسوف يتسبب عن كفره إضلال أبويه وكفرهما) زبدة التفسير_ محمد الأشقر، وأنا أرى أن بعض الأبناء رغم عدم كفرهم يتسببون في إدخال آبائهم النار مع نطقهم بالشهادتين، وصلاتهم وصيامهم وحجهم واعتمارهم، لأنهم حبا لأبنائهم وحرصا عليهم يفسدون في الأرض إن كانوا حكاما ليورثوا أبناءهم الحكم، ويسرقون أموال الشعب من أجل أبنائهم، وبعض الآباء يجمعون الأموال من الحرام، ويشيدون المباني والشركات من المال الحرام حرصا على إغناء أبنائهم، ويأكلون الميراث من إخوتهم ليتركوه لأبنائهم، ويكتبون الأموال لأبنائهم الذكور حتى لا ترث أخوتهم الإناث، وبعض أساتذة الجامعة -وخاصة في كليات الطب – والقضاة يحرمون المتفوقين من غير أبنائهم من حقوقهم ليفسحوا المجال لأبنائهم ضعاف المستوى والتحصيل العلمي للعمل في سلك التدريس والقضاء، وهكذا يظلمون الناس ويأخذون حقوقهم، وبعض الآباء يتقاعسون عن الجهاد في سبيل الله خوفا على أبنائهم فيكون الأبناء سببا في دخول الآباء النار، لذلك قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) التغابن (14)، وقال تعالى: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة (24).

فإن كان الأبناء أحب إلى الآباء من الله ورسوله وجهاد في سبيله فقد فسقوا عن أمر ربهم (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
فالله تعالى يعلم أن الغلام سيكون سببا في طغيان أبويه وهما مؤمنان فكان الأمر بقتله حرصا على مصلحة الأبوين والله سبحانه وتعالى قد يقبض روح الابن ويتوفاه حماية للأبوين المؤمنين من الطغيان والفتنة بالولد والكفر بنعمة الله ودينه بسببه.
فعندما قتل الخضر الغلام أغلق على الأبوين باب الفتنة وفتح لهما باب السعادة الأبدية في الآخرة وحماهما من النار وأدخلهما الجنة وذلك الفوز العظيم.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٩٠٢ – الجمعة ١٥ أبريل ٢٠١٦ م، الموافق ٨ رجب ١٤٣٧ هـ