أولا: سعداء بحمايتهم:
الجهلاء تستهويهم الأساطير والحكايات الغامضة والأسماء المسجعة، والقصص الخارقة والمثيرة، وقد اتخذ الناس من اسم يأجوج ومأجوج مدخلا للأساطير، والحقيقة أنهم قوم همج فعلهم فعل التتار وفعل من يضرب الناس بالقنابل الفتاكة والغازات السامة والبراميل المتفجرة، ويقتل الناس بالملايين من أجل سيادته عليهم وتحكمه في مصيرهم، وقصة يأجوج ومأجوج وردت في سورة الكهف،

قال تعالى عن ذي القرنين القائد المؤمن القوي العالم (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا* قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا* قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا* فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا* قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) الكهف (93-98)، مقصد هذه القصة أن هذا رجل قال الله عنه (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا) الكهف(84-85)، مكنه الله في الأرض وأعطاه العلم والأسباب والإيمان، فلم يفسد في الأرض، وأخذ بالأساليب العلمية، وحمى الضعفاء من شرور الطواغيت والمفسدين والظالمين، واستعمل قوة الشعوب في الإصلاح والبناء والعمران والأمان فأثنى الله عليه وخلّد ذكره وأسعد الناس بحمايتهم وأمنهم.

ثانيا: سعيد بعلم النبات:
النبات من المخلوقات الأرضية العجيبة والمعجزة، فالأرض من دون النبات لا حياة تذكر عليها حتى في وجود الماء، فبعض الكواكب عليها كميات من المياه ولكن لا حياة عليها، وعلى بعض الكواكب توجد بعض الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات ولكن لا حياة عليها ولا تصلح لعيش الإنسان، فالذي يميز كوكب الأرض هو النبات وهو المسئول عن صناعة الغذاء للكائنات الحية غير ذاتية التغذية كالحيوان والإنسان والفطريات وبعض الكائنات الأخرى، فمصدر جميع المواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية الأصلي هو النبات، والنبات يثبت الطاقة الضوئية الشمسية في روابط في المركبات الحيوية النباتية بذلك تستطيع باقي الكائنات الحية الاستفادة منها، ودراسة علم النبات هي دراسة لأهم الكائنات والعمليات الحيوية، وعلى الدارس للنبات أن يدرس الشكل الظاهري، والوظائف الحيوية، والفوائد البيئية والاقتصادية والغذائية والدوائية للمنتجات النباتية ، ويدرس الخصائص الوراثية، وتصنيف النبات والفلورا النباتية (النباتات الموجودة في بيئة معينة) ووضعها التقسيمي وأسماءها العلمية والشائعة المحلية، وقليل من الدارسين يحبون دراسة علم النبات الأكاديمي وقد يحبون الزراعة، لذلك سعدت سعادة بالغة بدراسة علم النبات والكائنات الحية الدقيقة في كليتي التربية جامعة عين شمس قسم النبات، وقسم النبات في كلية العلوم جامعة عين شمس، وكنت أجد سعادة غامرة وأنا أدرس علم النبات بسبب نشأتي الأولى وفترة طفولتي وصبايا وشبابي التي قضيتها في عزبتنا الزراعية في الجمالية-دقهلية حيث قضيت عمري في مكان فيه النبات في كل مكان، في الأرض الزراعية ، وفي الحدائق، وعلى جوانب الترعة والمساقي وحول البيوت وفي الطريق إلى المدرسة، وكنا نتسلق الأشجار وخاصة أشجار التوت والنخيل، ونرى تتابع المحاصيل في الأرض الزراعية وبهجتها، كما أنني ارتبطت بالزراعة في المدرسة الإعدادية والمدرسة الثانوية، وزرعت النبات في حديقة بيتنا ولعبنا في الأجران (أماكن تجمع المحاصيل وإعدادها للتخزين) وخاصة أجران نبات الأرز، وأكلنا من الثمار الطازجة في الغيط وفي الطريق إلى المدرسة وأثناء التنزه، كل هذا جعلني سعيدا بعلم النبات ودراسة النبات وأساتذتي في الجامعة والدروس العملية والجولات العلمية الميدانية في الساحل الشمالي بمصر، أدعوكم لدراسة النبات والاستفادة بنعمه البالغة والمحافظة عليه فهو مصدر الأكسجين في البيئة الأرضية، ومصدر الغذاء والدواء والكساء والصناعات الخشبية وغيرها
تأمل في رياض الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك

ثالثا: سعيد بأشجار الجوافة:
الجوافة أو الجوافا من الثمار اللذيذ المرتبط في ذهني بالصيف وثمار النخيل، ثمرة لذيذة رخيصة الثمن وافرة الإنتاج وشجرتها سريعة الاثمار، كانت تملأ الحدائق الخاصة والعامة، تباع بكميات كبيرة في الأسواق ومع الباعة الجائلين، يتم رص وترتيب الثمار على عربات الباعة بطريقة مغرية وفنية، كنا نأكلها بكميات كبيرة، أشعر بسعادة عجيبة عندما أشم رائحة ثمار الجوافة أو آكلها، أشتري منها كميات وأتلذذ بأكلها، ارتبطت في حياتي بأيامي الجميلة في قريتنا وعزبتنا، وبالأسواق في الصيف.
كانت توجد حدائق عامة لأشجار الجوافة محاطة بسور من الطوب اللبن يتم جمع ثمارها وعرضها للبيع في مدخل الحديقة كنا نشتريها ونغسلها ونأكلها بكميات وقت السهر والمسامرة والجلوس مع الأصدقاء والحبايب، لذلك أنا سعيد بشجرة الجوافة وثمارها الطيبة اللذيذة.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٨٩٥ – الجمعة ٨ أبريل ٢٠١٦ م، الموافق ١ رجب ١٤٣٧ هـ