بقلم: د. نظمي خليل أبوالعطا 

– ينظر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الذين معه يوم بدر ويناجي ربه ويقول: (اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض) (السيرة النبوية، أبوالحسن علي الندوي، ص ٢١٩).

– إنهم خميرة المؤمنين في الأرض، وبذرة الرجولة والصدق، وحملة لواء التوحيد الخالص والنوايا الصادقة لله عز وجل، سأل المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدهم كيف أصبحت قال: أصبحت أرى أهل الجنة في الجنة يتنعمون وأهل النار في النار يلتظون. قال عرفت فالزم، جاء أحدهم مهرولاً قائلاً: هلك حنظلة هلك حنظلة فيقول له المصطفى صلى الله عليه وسلم ما هلك حنظلة يدفع الكفار أحدهم ويقطعون من جسمه قطعًا قطعًا ويقولون له أتود أن تكون في أهلك ومحمدًا مكانك، يقول والدماء تسيل من جسده والله ما أود أن أكون وادعًا في أهلي ومحمد يصاب بشوكة (صور من حياة الصحابة، عبدالرحمن الباشا، ص ١٨).

شهد الله لهم ولتجمعهم بالعديد من الشهادات القرآنية الدالة على أعمالهم ومكانتهم العالية السامية عند الله:

– قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُم تَرَاهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضوَانًا سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِّن أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُم فِي الإِنجِيلِ كَزَرعٍ أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنهُم مَّغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا) الفتح (29). في هذه الشهادة شهد الله لرسول الله ومن معه من آل البيت والصحابة أنهم عدول ولم يغيروا ولم يبدلوا تمامًا كشطء الزرع الذي يحمل صفاته الوراثية وهذا ما فصلناه في كتابنا عن الإعجاز النباتي في القرآن الكريم.

– شهادات قرآنية ربانية للصحابة رضوان الله عليهم:

– شهادة الفوز العظيم: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَومُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدقُهُم لَهُم جَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ) المائدة (119).

– شهادة بتوبة الله عليهم: (لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنهُم ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة (117).

– شهادة الرحمة والرأفة عليهم من الله: (ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة (117).

– شهادة تثبت أنهم من الصادقين ومعهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة (119).

– شهادة الشدة على الكافرين (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ) الفتح (29).

– شهادة الرحمة على المؤمنين: (محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُم) الفتح (29).

– شهادة بمداومة الركوع والسجود: (تَرَاهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضوَانًا) الفتح (29).

– شهادة في وجوههم علامات الإيمان: (سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِّن أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح (29).

– شهادة ابتغاء الفضل والرضوان من الله: (يَبتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضوَانًا) الفتح (29).

– شهادة شطء خير البرية: قال تعالى: (وَمَثَلُهُم فِي الإِنجِيلِ كَزَرعٍ أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوَى عَلَى سُوقِهِ) الفتح (29).

– شهادة الإغاظة للكافرين: (لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ) الفتح (29).

– شهادة المغفرة والأجر العظيم: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنهُم مَّغْفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا) الفتح (29).

– شهادة الرضا عن رب العالمين: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَومُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدقُهُم لَهُم جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ) المائدة (119).

– شهادة الإيمان الحق: (أُولَئِكَ هُمُ المُؤمِنُونَ حَقًّا لَهُم دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ) الأنفال (4).

– شهادة بالخلود في جنات النعيم: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُم فِيهَا أَزوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدخِلُهُم ظِلاً ظَلِيلاً) النساء (57).

– شهادة بالرزق الكريم: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ المُؤمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) الأنفال (74).

– شهادة الهداية بآيات القرآن الكريم: (ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِّلمُتَّقِينَ) البقرة (2).

– هذه الشهادات وغيرها تبين أن الفوج الأول الذي تخرج من مدرسة النبوة كان فوجًا مخلصًا صادقًا أتقن ما تعلمه وطبقه في الحياة، فحافظوا على الدين وحفظوه، وحاربوا المرتدين، وجمعوا القرآن الكريم ووحدوا طبعته في عمل إبداعي متميز وأصيل، ونشروا الإسلام في فترة وجيزة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني حتى بلغ الإسلام إسبانيا، واذربيجان، وأفغانستان، وأندونيسيا وإيران، والبوسنة والهرسك وتركماستان وتركيا، وسيراليون، وطاجيكستان والجابون، وقازاخستان، والكاميرون، والمالديف، وجزر القمر، وإيردتيا، ومكدونية، وإفريقيا الوسطى، والجبل الأسود وسنغافورة، والفلبين، والهند، والصين علاوة على الوطن العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي وأوروبا وأمريكا (انظر أطلس دول العالم الإسلامي، شوقي أبو خليل، دار الفكر، دمشق: سوريا (ط2) (2001م) ).

– وبلغ نور الإسلام مبلغًا جغرافيًا ومكانيًا عظيمًا بفضل الله، ثم بفضل تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين معه ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا وما بعده (انظر بناء الشخصية الإسلامية في السيرة النبوية، نظمي خليل أبو العطا موسى، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة 0ط1) (ص62) (2014م) ).

– وقد زكى المصطفى صلى الله عليه وسلم من معه وبين أنهم خير الأصحاب وخير الناس.

إنه التجمع الإيماني في مقابلة الشرك والكفر العالمي الذي استشرى وانتشر في العالم قبل مبعث المصطفى صلى الله عليه وسلم فأرسل الله سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى التوحيد الخالص والدين القيم وكان الصحابة وأهل البيت هم طليعة المؤمنين بهذا الدين والذين بذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله لنشر هذا الدين.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٥٥٥٤ – الجمعة ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠ م، الموافق ٠٦ ربيع الأول ١٤٤٢هـ