الإسلام دين الجماعة والتعاون على البر والتقوى، والمسلم يكرر في كل ركعة من صلاته قول الله تعالى: ‭{‬الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}‬ الفاتحة: 2، فالله تعالى رب العالمين أي هو المربي لجميع العالمين.

– ‭{‬إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‭}‬ الفاتحة: 5، بصيغة الجمع.

– ‭{‬اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‭}‬ الفاتحة: 6، بصيغة الجمع.

– ‭{‬غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ‭}‬ الفاتحة: 7، بصيغة الجمع.

– وقد ربى المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحابة على العمل الجماعي في الصلاة والجهاد وحذر من الفردية والأنانية والخروج عن الجماعة فعلموا أن يد الله مع الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار، واعلم أن المسلم للمسلم كالدين يغسل بعضها بعضًا والمسلم مرآة أخيه، يرى به عيوبه وصوابه.

– يجتمع المسلمون في صلاة الجماعة خمس مرات في اليوم والليلة، وصلاة الجماعة تتفوق على صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة.

– وعندما هاجم الأعداء المدينة المنورة تعاون المسلمون بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم والعمل معهم يدًا بيد في حفر الخندق وتحصين المدينة.

– وخرج المسلمون عن بكرة أبيهم في غزوة تبوك ساعة العسرة لملاقات العدو في عقر داره بعدما علم المسلمون بنيتهم غزو المدينة المنورة، ولم يتخلف عن الخروج إلا المنافقون والمعذورون ومن لعب الشيطان بهم وأقعدهم عن الخروج ولم يقبل المصطفى صلى الله عليه وسلم عذرهم وخَلَّفهم وطلب من المسلمين مقاطعتهم فقاطعوهم مقاطعة جماعية لم يخترقها أحد من المسلمين حتى حصروهم في زنزانة متحركة ‭{‬حَتَّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ‭}‬ التوبة: 118، يا له من تعبير معجز يوضح حال المخلفين الثلاثة وسط جماعة المسلمين.

– والمسلمون يجتمعون كل أسبوع في اجتماع إيماني في صلاة الجمعة امتثالاً لقول الله تعالى: ‭{‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‭}‬ الجمعة: 9.

فيغتسل المسلم غسل الجمعة ويلبس الثياب النظيفة ويتعطر ويذهب لهذا الاجتماع الأسبوعي سعيًا كما قال تعالى حيث يلتقي سكان الحيّ الواحد والمنطقة الواحدة في المسجد الجامع ويقوم أحدهم بالخطبة التي تناقش أحداث الأسبوع الفائت ويؤمهم في الصلاة.

– ويجتمع المسلمون في المنطقة الموسعة في ساحة واسعة لصلاة العيدين عيد الأضحى وعيد الفطر، ويلبسون الثياب الجديدة للعيد ويتعطرون ويتبادلون التهاني والتبريكات في اجتماع موسع في مظهر جماعي وتجمع إيماني كبير.

– ويتجمع المسلمون في صلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف والخسوف وصلاة الجنائز ويشيعون الميت منهم إلى المقابر ويقدمون التعازي لأهل الميت، ويصنعون لهم الطعام ويواسونهم في مصابهم ويشعرونهم أنهم معهم يشعرون بشعورهم ويتألمون لألمهم.

– وكذلك يفعل المسلمون في الأفراح والمناسبات السعيدة.

– كما يجتمع المسلمون في مكة المكرمة في مؤتمر للحج موسع للتعارف وتبادل المنافع وإظهار الوحدة والقوة والأخوة التي تجمع الأبيض والأسود والأصفر والعربي والعجمي والغني والفقير الكل يلبس لباسًا واحدًا في مظهر جماعي فريد، ويقفون على صعيد واحد في عرفات ويتحركون حركات جماعية لإلقاء الجمرات والمبيت بمنى وأداء مناسك الحج من طواف وسعي وتنقل في مشهد جماعي واحد (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ).

– وهكذا تتم التجمعات الإيمانية التي تربط المسلمين ببعضهم وتجعلهم كالجسد الواحد في السراء والضراء.

– وظل المسلمون من يوم أن بنوا دولة الإسلام في المدينة المنورة أمة واحدة بقيادة واحدة لأكثر من ألف عام بإمام واحد وأمة واحدة ودولة واحدة تمتد من الصين إلى إسبانيا والمغرب العربي ومن جنوب الصين والمجر إلى عدن، وأقاموا حضارة إسلامية علمية خلقية إنسانية فريدة في التاريخ وظلوا على هذا الحال إلى أن جاء المستعمر العَلماني (بفتح العين) الصليبي الغربي بمدافعه ودباباته وطائراته وقنابله ومؤامراته وأعوانه وأسقط وحدة المسلمين وفتتهم إلى دويلات متناحرة على الحدود الاستعمارية التي صنعت بخبث ومكر وحقد، ونهب ثرواتنا واغتال علماءنا ومبدعينا ونشر الفساد في ديارنا وفرقنا ومزقنا ويخطط لتفتيت المفتت وتمزيق الممزق ونهب ثرواتنا.

– هكذا بنى الإسلام أمة واحدة في تجمع إيماني إسلامي فريد، وهكذا عمل عدونا على تشتيت تجمعنا وهدم وحدتنا والقضاء على قوتنا وأوجد له جماعة من العَلمانيين (بفتح العين) والفنانين والمستغربين ولقبهم بالنخبة ووسدهم علينا يعبثون بمناهجنا الدراسية وثوابتنا الدينية الإسلامية ووحدتنا الاجتماعية وفتح لهم أبواب الإعلام والمناصب العليا.

– علينا العمل بعلمية للتخلص من عوامل ضعفنا وهزيمتنا وتخلفنا لنعود إلى قمرة القيادة في تجمع إسلامي واحد قوي كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وسنة نبيه الكريم وعلى هدي سلفنا الصالح الذي بنى حضارتنا الإسلامية الفريدة في تاريخ البشرية.

والحمد لله رب العالمين وكل عام ونحن جميعا بخير.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٥٥٣٣ – الجمعة ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٠ م، الموافق ١٥ صفر ١٤٤٢هـ