عندما كنت أقرأ قول الله تعالى: (ألَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) يس (60-61)، كنتُ أسأل نفسي كيف يعبد الإنسان الشيطان ولم أفهم معنى الآية حتى ظهرت جماعات عبدة الشيطان وقرأنا عنهم في الصحف وسمعنا عنهم في نشرات الأخبار وشاهدنا صورهم في التلفاز وسمعنا منهم كلامهم.

– وقد حشد القرآن الكريم عشرات الآيات وصفًا لأفعال الشيطان وتحذير المسلمين من مكره وخداعه وفتنته:

– قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ  وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً  وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة (268).

– وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُورًا) النساء (119-120).

– (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (127) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (128) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً) الفرقان (27-29).

– هذا هو الشيطان يتربص بالإنسان الدوائر ومن العجيب أن يعبد الإنسان عدوه الأول ويترك عبادة الله الواحد الأحد الخالق رب كل شيء ومليكه.

– نشرت جريدة أخبار الخليج البحرينية يوم 3 أكتوبر 2006م تقول: خبراء ألمان يحذرون من تفشي ظاهرة عبادة الشيطان في المدارس وسط تقديرات نحو (60) ألف طالب وشاب من أنصار هذه العبادة.

– ويلتقي أنصار تلك العبادة في المقابر للاحتفال بالصلوات السوداء وفي بعض الأحيان يجري اللقاء في أقبية المنازل والتراجع عن المشاركة في هذه الجماعات يمثل تهديدًا لحياة المرتدين منهم.

– ويطالب الخبراء بتدخل الكنيسة ورجال الدين وعلماء التربية وأجهزة الشرطة والأسرة لمتابعة الأبناء وتسجيل الإنتهاكات وشرح السلبيات التي تجعل الشباب يعيشون بعيدا عن المجتمع (انتهى).

– وعباد الشيطان في العصر الحديث يبيحون لأنفسهم التمتع بشتى أنواع الملذات المباحة والمحرمة، الفطرية السوية والشاذة، وينهمكون في الشبق والجنس، وكل ما يتعلق بالمتع المادية ويتصفون بالوحشية والعنف والقسوة.

وتراهم قذرين يحرمون على أنفسهم الإغتسال تقربًا من الشيطان، ويطيلون شعورهم من دون تهذيب أو ترتيب ويطيلون أظافرهم، ويلبسون ما هو شاذ قاتم مثل الأسود والملابس المهلهلة.

– وعندهم أن قمة النجاح وتحقيق الذات إنما يأتي من الممارسات العنيفة والشاذة، وخاصة الممارسات الجنسية وعمل كل ما هو ممنوع أو محرم شرعًا لذلك فهم يمارسون الشذوذ والمخدرات ويستعملون كل أنواع القسوة والعنف حتى سفك الدماء وأكل لحوم البشر.

– وهم يعتقدون أنهم بذلك يساعدون الشيطان على الإنتصار، وأنه بذلك يكافئ أتباعه بالسرور والسعادة وامتلاك الدنيا بكل مسراتها، وبعد الموت يبعثون إلى الأرض ليحكموها ويتمتعوا بملذاتها.

– وتؤكد الدراسات التي أجرتها أجهزة الشرطة والأمن في الولايات المتحدة الأمريكية أن انتماء العضو لطائفة عبدة الشيطان يكون برغبته في بداية الأمر، بسبب دوافع عديدة بعضها يتعلق بإغراءات جنسية، وإذا دخل الفرد إليها فإنه لا يستطيع الإنفكاك منها والإبتعاد عنها حتى لا يكون مصيره القتل.

– إن لعبدة الشيطان تسع وصايا يقدسونها وينظرون نظرة احترام شديد لها، ويعتقدونها العقيدة في ملتهم منها:

– إطلاق العنان للشهوات والرغبات لأقصى مدى وعدم تقييدها بأي نوع أو ضابط من الضوابط الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية أو حتى العقلية.

– يعتقدون أن الشيطان يمثل الوجود الحقيقي بدلاً من الأمل الكاذب والوهمي.

– الشيطان في نظرهم يشكل الحكمة غير المحرفة وغير المشوشة، بدلاً من خداع النفس بأفكار زائفة.

– يقولون: الشيطان يمثل الإنتقامية بدل إرادة الذل للآخر، ومعنى هذا الكلام أن الشيطان يستحق الإحترام لأنه صاحب كرامة، بحيث أنه يمارس الإنتقامية ثأرًا لكرامته.

– الشيطان يمثل الشفقة لمن يستحقونها بدلاً من مضيعة الحب للآخرين وجاحدي الجميل.

– الشيطان يمثل مجرد حيوان مفترس أحيانًا، وفي أغلب الأحيان هو أشرس التي تمشي على أربع، وإنه بسبب روحانيته الرائعة ونموه الذكي أصبح أعنف حيوان على الإطلاق.

– الشيطان يمثل المسؤولية تجاه الشخص المسؤول بدلاً من مصاصي الدماء المعتوهين.

– الشيطان يمثل كل ما يطلق عليه خطايا وآثام لأنها تؤدي كلها إلى الإشباع العضوي والعقلي والعاطفي.

– الشيطان يمثل أعز صديق للمعبد لأنه أبكم ويدعون أن الله سبحانه وتعالى ظلم ابليس وأنه ملاك قد تعرض للظلم على الرغم من أنه رمز القوة، كما ينكر عبدة الشيطان الأديان جميعها، ويطالبون بدليل مادي على وجود الله أما الشيطان فالأدلة كثيرة، وآثارها موجودة كما يدعون وقوته الخارقة تظهر وتنتقل للتابعين. (من هم عبدة الشيطان؟!، محمد فراس السعودي، دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق سوريا (ط1) (2006م) ).

– وهكذا يعبدون الشيطان وهذا ما حذرنا منه الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة في القرآن الكريم قال تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) الشعراء (221-222).

– كفانا الله وإياكم شر هذا العبث وهذا الخرف الذي يروج له أصحاب الشهوات والملذات الذين يهدفون إلى تحطيم النظام الأسري والشباب والنظام الأخلاقي في العالم.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٥٤٧٧ – الجمعة ٠٧ أغسطس ٢٠٢٠ م، الموافق ١٧ ذو الحجة ١٤٤١هـ