أولا: شقائق الرجال!!!
ظلمت المرأة ظلما بالغا من الرجال على مدار التاريخ البشري منذ يوم أن ألصقت بها ظلما مصيبة إخراج البشرية من جنة الخلد، ثم جاءت الأمثال الشعبية والسلوكيات البشرية لتؤكد هذا الظلم للمرأة،

فقالوا: شاوروهن وخالفوهن، وقالوا: مشورة المرأة إن صحت بخراب عام، وإن فسدت بخراب العمر، وحرمت المرأة من حقوقها ومن الميراث بل كانت تورث كما يورث المتاع، وكانت تظلم بخلفة البنات، وظل الظلم والتمييز يلاحق المرأة إلى أن جاء الأمر الإلهي بمساواة المرأة بالرجل فقال تعال: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» البقرة (228)، وقال تعالى: «وعاشروهن بالمعروف» النساء (19)، وقال تعالى: «فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف» الطلاق (2)، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إنما النساء شقائق الرجال».
وبذلك جاء الأمر الإلهي والهدي النبوي بالمساواة بين الرجال والنساء وتكريمهن، ومن الهدي النبوي «لا يكرمهن إلا كريم ولا يظلمهن إلا لئيم»، وعمل المصطفى صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة يوم الحديبية، وسمع الله تعالى للمرأة التي تشتكي إليه سبحانه من ظلم زوجها، وجعل الإسلام للمرأة أهلية خاصة في ممتلكاتها ومالها، وجعل الجنة تحت قدميها، وقاتلت المرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقامت المستشفى الميداني وتولت الحسبة على السوق وقاتلت المرتدين عن الإسلام.

ثانيا: الحب بين الأبناء
الأبناء هم فلذات أكباد الآباء يحبونهم وينشدون لهم السعادة والحياة الآمنة المطمئنة، وكلما زادت الألفة والمحبة والتعاون والتراحم بين الأبناء سعد الآباء، ولكن الحقيقة القائمة أن معظم الآباء فشلوا في تحقيق الحب الدائم بين الأبناء وترتب على هذا الفرقة وقطع الأرحام وخفوت جذوة الوئام والتراحم بينهم ولنا في إخوة يوسف عليه السلام الدرس في هذا المقام.
وحتى نحقق الحب الدائم بين الأبناء علينا تربيتهم على العمل الجماعي، والحب الجماعي فنوزع الحب عليهم، ونعدل بينهم، وقد سئل الأعرابي من أحب أبنائك إليك؟ فقال: «صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يشفى، وغائبهم حتى يعود».
ومن الكوارث التربوية في حياتنا الأسرية تفضيل الذكور من الأبناء على الإناث، والعناية بتعليم الذكور وإعطائهم الحرية في ممارسة ما يرغبون وحرمان البنات مما يستحققن، والأدهى والأمر أن نجعل الإناث في خدمة الذكور، ونحرم الإناث من الميراث مخالفة لأمر رب الناس، ونغدق على الذكور الهدايا والعطايا والمصروف ونضيق على البنات ونجعلهن في البيت في خدمة الذكور، وبذلك نبذر بذور التفريق والظلم في النفوس وللأسف تشارك الأم وهي أنثى بدور كبير في تفضيل الذكور على الإناث، وتفرح الأم بخلفة الذكور، وتكتئب من خلفة البنات، إن أردنا تحقيق الحب الدائم في نفوس وقلوب الأبناء علينا بالعدل بينهم حتى في القبلات، والبسمات.

ثالثا: الغدر والغدارون!!!
عندما يستهين الناس بالوفاء بوعدهم ينتشر بينهم مرض الغدر، ويكثر الغدارون، ويقل الأمن والأمناء، وجاءت أطول آية في القرآن الكريم لحفظ حقوق العباد عمليا وإغلاق الباب أمام الغدر والغدارين وهي آية الدين وحفظ الحقوق قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه….» الآية البقرة (282)، فالكتابة والتوثيق والاستشهاد يغلق أبواب الغدر والشيطان وأكل أموال الناس بالباطل، وحذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من الغدر فقال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان» متفق عليه. والغادر الذي يعاهد ولا يفي، ولكل غادر لواء أي علامة يشتهر بها بين الناس، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق لغدر الغادر ليشتهر، ويكفينا في هذا المجال قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» المائدة (1). وهي آية حامية من قلق الغدر والغدارين وإذا طبقنا القواعد النبوية السابقة مع هذه الآية لأمن الناس على عهودهم وأموالهم وأماناتهم ومعاملاتهم، ووجد صاحب الحق من يعينه على الحصول على حقه، ونبذ الغادر من الناس وضيق على الغدر والغدارين وانتشر الأمن والأمناء الوافون بعهودهم سعدنا في الحياة الدنيا والآخرة.

رابعا: الدواء العجيب!!!
جاء في كتاب الرحمة في الطب لجلال الدين السيوطي، اجتمع عند كسرى أربعة حكماء: عراقي، ورومي، وهندي، وسوداني، فقال لهم كسرى: ليصف كل واحد منكم الدواء الذي لا داء معه، قال العراقي: (الدواء الذي لا داء معه: أن تسف كل يوم قليلا من حب الرشاد)، وقال الرومي: (الدواء الذي لا داء معه: أن تشرب كل يوم ماء ساخنا على الريق)، وقال الهندي: (الدواء الذي لا داء معه: أن تأكل كل يوم ثلاث حبات من إهليلج أسود)، والسوداني ساكت، وكان أحذقهم: فقال له كسرى: لم لا تتكلم؟! قال: يا مولاي الماء الساخن يذهب شحم الكلى ويرخي المعدة، وحب الرشاد يهيج الصفراء، والأهليلج يهيج السوداء، فقال له: فماذا تقول أنت؟!، فقال: يا مولاي الدواء الذي لا داء معه ألا تأكل إلا بعد الجوع، وإذا أكلت فارفع يدك قبل الشبع، فإنك لا تشكو إلا علة الموت.
وقد أرشدنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ما يحمينا من هذا المرض العضال فقال: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإنّ كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي، وقال تعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» الأعراف (31).

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٧٦٩ – الجمعة ٤ ديسمبر ٢٠١٥ م، الموافق ٢١ صفر ١٤٣٧ هـ