أولا: القتال من أجل الفقراء والمساكين!!
قال بعض العلماء الفقير من لا يمتلك ما يسد به حاجته، والمسكين من لا يكفيه دخله لتأمين المتطلبات الأساسية لحياته وحياة من يعول، والفقر ضعف وخوف، والمسكنة قلق وهم كبير،

لذلك فرض الله سبحانه وتعالى حقوقا معلومة في أموال الأغنياء لسد حاجة الفقراء والمساكين، قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ) سورة التوبة (60)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى) البقرة (264)، وهذه الصدقات هي حقوق مقدرة ومشروعة للفقراء والمساكين، ولأول مرة في تاريخ البشرية تقوم الدولة بالدفاع عن حقوق الفقراء والمساكين عندما حارب الصديق رضي الله عنه من امتنع عن دفع الزكاة، ولأول مرة يخرج الأغنياء للدفاع عن حقوق الفقراء والمساكين كما فعل أغنياء الصحابة رضوان الله عليهم عندما خرجوا لجهاد المرتدين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة التي هي حق للفقراء والمساكين.
وعلى الأغنياء تثمير أموالهم حتى لا تأكلها الصدقة حيث ينتقل رأس المال الحالي بعد أربعين عاما من الأغنياء إلى الفقراء وباقي مستحقي الزكاة عندما يخرجون كل عام ربع العشر من أموالهم التي بلغت النصاب وحال عليها الحول، فهل رأيتم مثل هذا التشريع الإنساني الحافظ لحقوق المحتاجين في تاريخ البشرية أجمعين؟!

ثانيا: قلق الجوار!!
من أخطر الأمراض الاجتماعية المنتشرة في العديد من المجتمعات قلق الجوار، وهو مرض خطير يسري بين الجيران الذين لا يحتاطون من الإصابة به والوقاية منه، وهو مرض يحتاج إلى تطعيم دائم وشامل، ومن أخطر أعراض هذا المرض القلق الدائم، والخوف المستمر من الجيران، ويشتد هذا المرض ويتحول إلى وباء عندما لا توضع الحلول العلمية والصحية لتجنب الإصابة به، وقد أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة انتشار هذا المرض فمن هديه صلى الله عليه وسلم: (إن من أشراط الساعة سوء الجوار)، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) أخرجه البخاري، ومن الهدي النبوي من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره.
فإذا حفظت حقوق الجيران، وأمن الجار شر جاره دبت الطمأنينة في نفوس الناس، ونام كل منهم قرير العين، وغاب الكثير من العقد النفسية والأحقاد التي تملأ قلوب الجيران الذين لا يأمنون لجيرانهم، وإذا شاعت المحبة بين الجيران، اختفى مرض قلق الجوار، وانتشر الأمن في البيوت، ونام الشرطي قرير العين، وتفرغ الناس للعمل والإنتاج والإبداع وتعمير الكون بنواميس الله في الخلق، وقد حرم الإسلام الجار المؤذي لجاره من النعيم المقيم في دار الخلد والسلامة والأفراح وأفقده الله نعمة الأمن والأمان في الآخرة والتي أفقدها لجاره في الدنيا، وقانا الله وإياكم شر هذا المرض الخطير وجعلنا من المحبين لجيرانهم والناس أجمعين.

ثالثا: الأرق والأحلام المفزعة!
القلق من الأمراض التي تنتاب الناس ويحيرهم بسبب أو بغير سبب، ويزداد أيام الامتحانات عند المتعلمين حيث يذهب النوم من أعينهم، ويظل الإنسان في فراشه ساعات يستجدي النوم ويستدعيه فلا يستطيع.
وقد دلنا المصطفى صلى الله عليه وسلم على موانع الأرق والوقاية منه، فكان صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال: (باسمك اللهم أموت وأحيا) جزء من حديث رواه البخاري، وإذا علم الإنسان انه يموت باسم الله وأمره، ويحيا باسمه وأمره هانت عليه الدنيا واستيقن أن كل شيء عند الله بمقدار وبقدر محدد ومعلوم لا يدفعه دافع فهدأت نفسه ونام قرير العين.
وقال صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما: (إذ أويتما إلى فراشكما، أو إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين) متفق عليه، والمعلوم علميا أن الرتابة والاستمرارية في شيء محدد مدة طويلة يؤدي إلى النوم، ومن الهدي النبوي (إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه.. ثم يقول: بسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) متفق عليه، وفي هذا اطمئنان إلى خلو الفراش من الهوام ومقلقات النوم والمفصليات والعقربيات والحشرات. ومن السنة الوضوء قبل الذهاب إلى الفراش.
وإذا رأيت حلما مفزعا فلتنفث على يسارك ثلاثا، وتعوذ بالله من الشيطان، ولا تخبر أحدا بما رأيت فإنّ ما رأيته لا يضرك، والحمام الدافئ قبل النوم يساعد على إفراز المواد المهدئة والمساعدة على النوم، استرخ وتوكل على الله تنام بسلام.

رابعا: الحالة النفسية:
الثابت علميا أن الحالة النفسية للإنسان تؤثر على الجهاز المناعي والجهاز العصبي والصحة العامة للبدن، وأي خلل في الحالة النفسية يؤدي إلى ضعف مناعة الجسم وقله مقاومته للأمراض، وظلت البشرية ردحا من الزمن لا تضع وزنا للحالة النفسية للبشر، واعتبرت بعض المجتمعات المرضى النفسيين من المنبوذين في المجتمع، وكانت المجتمعات الأوروبية ترجمهم بالحجارة عند سيرهم في الشوارع، وتطاردهم وتقتلهم وتعتبرهم شياطين.
ولكن الهدي العلمي النبوي لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أكّد أهمية الحالة النفسية، ومن السنة النبوية تطبيب نفوس المرضى النفسيين وراحتهم نفسيا وبدنيا فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإنّ ذلك لا يرد شيئا، وهو يطيب نفس المريض) وقال ابن القيم رحمه الله: وتفريج نفس المريض وتطبيب قلبه وإدخال ما يسره عليه له تأثير عجيب من شفاء علته وخفتها، وقد شاهد الناس كثيرا من المرضى تنتعش قواهم بعيادة من يحبونهم ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم، ومكالمتهم إياهم أحد فوائد عيادة المرضى، وكان صلى الله عليه وسلم يقول للمريض: (لا بأس طهور إن شاء الله) رواه البخاري.
وأفضل معالجة للحالة النفسية ووقايتها وتقويتها هي الاستعانة بالصبر والصلاة والتوكل على الله، وأن يعلم العبد أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيء لن يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه، ولو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لن ينفعوه إلا بشيء كتبه الله له، والأعمار مكتوبة والأرزاق مقدرة وعلينا الرضا بقضاء الله وقدره وفي هذا حماية لنا من الأمراض النفسية والعصبية والبدنية.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٧٥٥ – الجمعة ٢٠ نوفمبر ٢٠١٥ م، الموافق ٧ صفر ١٤٣٧ هـ