بقلم الدكتور نظمي خليل أبوالعطا
القرآن الكريم كتاب الله المعجز لا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تشبع منه العلماء، قال عنه أبو الوليد المشرك إن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر وهو يعلو ولا يعلى عليه، قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ أُوحِيَ إليّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) الجن (1-2).
– وقال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) الإسراء (88).
– وقد تولى الله سبحانه حفظه وبيانه وقد فشل أعداء الله في الإتيان بمثل القرآن وبذلت جهود جبارة وعملت محاولات عديدة ولكنها فشلت أن تأتي بمثله.
– وقد فرح العَلمانيون (بفتح العين) والمرجفون بإبعاد التعليم في ديارنا عن اللغة العربية ثم انهالوا طعنًا في القرآن الكريم ومع ذلك فشلوا، فالقرآن لا تشبع منه العلماء قال الله تعالى: (وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرعد (4).
– وقال المفسرون قديمًا: صنوان أي نخلتان بأصل واحد، وغير صنوان أي نخلة بجذع واحد، ثم جاء العلم الحديث بتفسير علمي جديد وفتح جديد قدمه الأستاذ الدكتور كمال الدين البتانوني في معجم النبات من قاموس القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في طبعته الثانية صفحة (83) (1997م).
قال فيه: (من المعروف أن البذرة التي ينتجها أي نوع نباتي ما هي إلا نتاج اتحاد حبة من حبوب اللقاح الذكرية وبويضة في مبيض الزهرة، وحبوب اللقاح قد تكون من نفس الزهرة التي يلقح بويضتها أو من زهرة مختلفة أو من زهرة يحملها (نبات) آخر من نفس النوع، يعني ذلك أنه في أحوال كثيرة تنشأ حبوب اللقاح في أزهار ونباتات تختلف في صفاتها الوراثية عن تلك التي تنشأ فيها البويضة، ويعد ذلك سببًا رئيسًا من أسباب تباين الصفات الوراثية للبذور الناتجة وفي كل الحالات فإن البذرة الناتجة تحمل صفات من النباتين الأبوين فهي ليست من أصل واحد، والنباتات التي تنتج عن إنبات هذه البذور غير صنوان، أي قد حدثت من تهجين عند تكوين بذرتها وهي عملية تندمج فيها الصفات الوراثية ويؤدي ذلك إلى إنتاج نباتات ذات صفات قد تختلف عن النباتين الأبوين.
– أما النباتات التي تنتج عن فسائل أو تطعيم أو ترقيد أو عن درنة أو جزء من كورمة أو بصله (وهذا ما يعرف بالتكاثر الخضري (بفتح الخاء والضاد) فإنها تحمل صفات وراثية مماثلة للنبات الذي أخذت منه (تلك الأجزاء الخضرية)، وهي نباتات صنوان، لأن الصنوان تدل على الأصل (الوراثي) الواحد وعدد من العقل من نبات واحد، أو درنات من نبات واحد يعطي نباتات تحمل نفس الصفات الوراثية للنبات الأم، أي نباتات صنوان) (انتهى).
– وهذه نفس المفاهيم والصفات التي أوردناها في بحثنا عدالة أهل البيت والصحابة بين الآيات القرآنية والتراكيب النباتية معجزة علمية وأثبتنا فيه أن الصحابة وأهل البيت رضوان الله عليهم لم يبدلوا ولم يبتدعوا ولم يغيروا في الدين فهم (كزرع أخرج شطأه)، والزرع هو المصطفى صلى الله عليه وسلم والشطء هم الفسائل أو الغصون أو الأوراق للنبات والشطء ناتج عن التكاثر الخضري (أي صنوان) كما جاء في بحث الدكتور البتانوني، وبذلك نكون قد اتفقنا دون أن نتقابل أو نتبادل الأفكار والحقائق النباتية، وهذا يدلل دلالة قاطعة على أن البحثين سليمان من الناحية العلمية والناحية الشرعية، وهذا إعجاز نباتي قرآني متميز وفريد.
– كما اننى (كاتب هذا المقال) قد استنتجت في مقال سابق أن الآية (4) من سورة الرعد تتضمن الفعل الجيني بين النباتات المذكورة في الآية والذي عليه نفضل بعضها على بعض في الأكل، هذا التفصيل يعود إلى تباين الصفات الوراثية والعوامل الوراثية، وقد ثبتت الآية باقي العوامل المؤثرة في الطعم وهي البيئة الواحدة (قطع متجاورات) والماء الواحد (يسقى بماء واحد) وكل هذه الحقائق العلمية في الآيات القرآنية تبين أن القرآن الكريم كتاب إلهي يعجز البشر عن الإتيان بمثله، وبالحقائق العلمية الواردة في الآيات القرآنية.
– وهذا يبين أهمية التخصص الدقيق في فهم الاشارات العلمية في الآيات القرآنية، وهذا يؤكد أهمية التخصص العلمي الدقيق في فهم الإشارات العلمية في الآيات القرآنية.
نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – لعدد : ١٥٦٦٦ – الجمعة ١٢ فبراير ٢٠٢١ م، الموافق ٣٠ جمادى الثاني ١٤٤٢هـ