وننتقل مع سيدنا يوسف عليه السلام في المشهد المؤلم والمؤسف والمفاجئ والخطير الذي لم يكن يخطر له على بال، «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» (يوسف:23).
ياله من موقف عصيب، ويشتد الموقف «وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ» فإما المعصية وإما القوة والبطش والتشريد، ولكن الله سبحانه وتعالى يفجر ينابيع النبوة العاصمة في قلب المعصية أشد الامتناع وقال: أعوذ بالله معاذا وألتجئ إليه وأعتصم به وحده مما تريدين ومما تهيئتي له فهو يعيذني أن أكون من الجاهلين إنه سيدي ومالكي «أَحْسَنَ مَثْوَايَ» حيث قال لها أكرمي مثواه، فلا أقابله بالخيانة، وإتيان الفاحشة في أهله، إنه لا يفلح الظالمون الذين يخونون ويجازون الاحسان بالإساءة والغدر.
وهنا يشتد غيظ المرأة، ويغلي المنكر في قلبها وتفقد عقلها لعصيانه أمرها وعدم نزوله عند رغبتها ومخالفة مرادها وشهد الله سبحانه وتعالى ليوسف بالبراءة والعصمة والطهارة والأمانة «كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ» (يوسف:24).
وهرب يوسف من الغرفة واستبقا الباب استبقه للهروب من الموقف العصيب، واستبقته لتمنع هروبه ومدت يدها بسرعة وقوة تجذبه الى الخلف «وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ» وانفتح الباب «وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ» (يوسف: 25).
ووقعت عليه العقاب «أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (يوسف: 25) يالها من امرأة فاجرة عنيدة، دافع يوسف الضعيف عن نفسه أمام هذه الطاغوت وهذا السيد الكريم، وكانت البراءة ليوسف «فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ» (يوسف: 28).
يحمد يوسف ربه أن جعلها تصنع بحماقتها براءته.
وهنا تظهر خطورة اختلاط الخدم من الذكور بالنساء في البيت وما قد يترتب على ذلك من الفتنة واختلاط الأنساب لذلك وجب الحيطة والحذر من هذه المفسدة العظيمة.
يملأ الخبر المدينة من بعض الذين شاهدوا واقعة التحكيم والدفاع أو من بعض الذين وصلتهم الواقعة من شكوى الرجال أو المحكم أو اخبار زوجته بما حدث فانتشر الخبر بين النساء.
ويأخذ المرأة الفجور «وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ» (يوسف:42).
قررت كسر صموده وتضييع هيبته وإذلاله كما بعفته وطهارته وهمته العالية أمرت بسجنه فجاءها الرد القاسي القوي الأبي «قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ» (يوسف:32) ويخاف يوسف من الضعف البشري فيلجأ إلى القوي المتعال «وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ» (يوسف:33) فليس ليوسف إلا الله أمام جبروت هذه المرأة وأمام سلطان السلطان، وكان الحكم الظالم «لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ» (يوسف:35) رغم أن كل حيثيات وشواهد وأحراز وتحقيقات القضية تدين المرأة وتبرئ سيدنا يوسف عليه السلام.
في السجن يجد سيدنا يوسف فترة للعبادة والطاعة واللجوء والشكر لله وبعد الاستئناس بأصحابه في السجن بدأ يمارس الدعوة «قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ» (يوسف:37-38).
وبعد إثبات صدق نيته، وطهارة أهدافه وبراهين صدقه بدأ بالبداية التي يبدأ بها كل نبي في الدعوة «يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» (يوسف:39-40).
إنها الحجة العقلية بالغة، والبرهان الدامغ على بطلان ما يعبدون من دون الله، تلك الآلهة المصنوعة من الآباء والدجالين وأصحاب المصالح والمنتفعين من النذور وعوائد الأضرحة والأصنام من الجهلاء والسذج والمخدوعين.
ومن العجيب أن نرى في العصر الحديث من ساروا في هذا الطريق رغم حملهم للدرجات العلمية العالمية وتقليدهم للوظائف الدينية الرفيعة، ولكن المصالح الدنيوية والمكاسب المادية والمناصب المبهرة جعلتهم كالأنعام بل هم أضل، هؤلاء أضلهم الله على علم ويؤصلون للشرك والبهتان ويزينون للعصاة من علية القوم والمشاهير أعمالهم الباطلة ويزينونها لهم فيفتون أن الراقصة العارية تعمل عملا شريفا ودخلها منه حلال وإن هي ماتت أثناء الذهاب إلى مرقصها ماتت شهيدة. لذلك تميعت الأمور واختلط الحلال بالحرام، والعبادات بالمنكر ورأينا العجب العجاب من هؤلاء القوم وأتباعهم من المفتونين والفاسقين.
أفلا يتدبرون؟!!
ويأتي المشهد التالي: «وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ» (يوسف:34).
أفتوا بغير علم «قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ» (يوسف:44) ولهروبهم من المأزق قالوا: «وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ» (يوسف:44).
تتكرر الرؤيا وينزعج الملك ويطلب التفسير ليبدأ المشهد التالي في المقال القادم بإذن الله تعالى.
وهنا يشتد غيظ المرأة، ويغلي المنكر في قلبها وتفقد عقلها لعصيانه أمرها وعدم نزوله عند رغبتها ومخالفة مرادها وشهد الله سبحانه وتعالى ليوسف بالبراءة والعصمة والطهارة والأمانة «كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ» (يوسف:24).
وهرب يوسف من الغرفة واستبقا الباب استبقه للهروب من الموقف العصيب، واستبقته لتمنع هروبه ومدت يدها بسرعة وقوة تجذبه الى الخلف «وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ» وانفتح الباب «وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ» (يوسف: 25).
ووقعت عليه العقاب «أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (يوسف: 25) يالها من امرأة فاجرة عنيدة، دافع يوسف الضعيف عن نفسه أمام هذه الطاغوت وهذا السيد الكريم، وكانت البراءة ليوسف «فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ» (يوسف: 28).
يحمد يوسف ربه أن جعلها تصنع بحماقتها براءته.
وهنا تظهر خطورة اختلاط الخدم من الذكور بالنساء في البيت وما قد يترتب على ذلك من الفتنة واختلاط الأنساب لذلك وجب الحيطة والحذر من هذه المفسدة العظيمة.
يملأ الخبر المدينة من بعض الذين شاهدوا واقعة التحكيم والدفاع أو من بعض الذين وصلتهم الواقعة من شكوى الرجال أو المحكم أو اخبار زوجته بما حدث فانتشر الخبر بين النساء.
ويأخذ المرأة الفجور «وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ» (يوسف:42).
قررت كسر صموده وتضييع هيبته وإذلاله كما بعفته وطهارته وهمته العالية أمرت بسجنه فجاءها الرد القاسي القوي الأبي «قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ» (يوسف:32) ويخاف يوسف من الضعف البشري فيلجأ إلى القوي المتعال «وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ» (يوسف:33) فليس ليوسف إلا الله أمام جبروت هذه المرأة وأمام سلطان السلطان، وكان الحكم الظالم «لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ» (يوسف:35) رغم أن كل حيثيات وشواهد وأحراز وتحقيقات القضية تدين المرأة وتبرئ سيدنا يوسف عليه السلام.
في السجن يجد سيدنا يوسف فترة للعبادة والطاعة واللجوء والشكر لله وبعد الاستئناس بأصحابه في السجن بدأ يمارس الدعوة «قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ» (يوسف:37-38).
وبعد إثبات صدق نيته، وطهارة أهدافه وبراهين صدقه بدأ بالبداية التي يبدأ بها كل نبي في الدعوة «يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» (يوسف:39-40).
إنها الحجة العقلية بالغة، والبرهان الدامغ على بطلان ما يعبدون من دون الله، تلك الآلهة المصنوعة من الآباء والدجالين وأصحاب المصالح والمنتفعين من النذور وعوائد الأضرحة والأصنام من الجهلاء والسذج والمخدوعين.
ومن العجيب أن نرى في العصر الحديث من ساروا في هذا الطريق رغم حملهم للدرجات العلمية العالمية وتقليدهم للوظائف الدينية الرفيعة، ولكن المصالح الدنيوية والمكاسب المادية والمناصب المبهرة جعلتهم كالأنعام بل هم أضل، هؤلاء أضلهم الله على علم ويؤصلون للشرك والبهتان ويزينون للعصاة من علية القوم والمشاهير أعمالهم الباطلة ويزينونها لهم فيفتون أن الراقصة العارية تعمل عملا شريفا ودخلها منه حلال وإن هي ماتت أثناء الذهاب إلى مرقصها ماتت شهيدة. لذلك تميعت الأمور واختلط الحلال بالحرام، والعبادات بالمنكر ورأينا العجب العجاب من هؤلاء القوم وأتباعهم من المفتونين والفاسقين.
أفلا يتدبرون؟!!
ويأتي المشهد التالي: «وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ» (يوسف:34).
أفتوا بغير علم «قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ» (يوسف:44) ولهروبهم من المأزق قالوا: «وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ» (يوسف:44).
تتكرر الرؤيا وينزعج الملك ويطلب التفسير ليبدأ المشهد التالي في المقال القادم بإذن الله تعالى.
نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٦٧١ – الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠١٥ م، الموافق ١٣ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ