المسلمون أصناف: مسلم بشهادة الميلاد وبطاقات الهوية، ومسلم سلبي في الحياة يصلي ويصوم ويحج ويعتمر ولا يهتم بالمسلمين، ومسلم إيجابي فاعل يحمل هم المسلمين وقضيته هذا الدين.

الصنف الأول هو الهدف الأول للمرجفين والملحدين والعَلمانيين يعملون على سلخهم من مسمى المسلم وضمهم إلى فئة المرجفين الذين يثيرون الشبهات حول الدين وقد فتحت لهم الجهات المحاربة للإسلام أبوابها لتعليمهم وتدريبهم وإطلاقهم في الجامعات ووسائل الإعلام والجمعيات لتشكيك المسلمين في دينهم وصدق نبيهم وصلاحية الإسلام لبناء الحضارة.

والقسم الثاني قسم مغيب يردد ما يسمعه من المرجفين ويكثر سوادهم.

أما القسم الثالث أو الصنف الثالث فهم من يحملون هم الإسلام والمسلمين، وكل هدفهم كيف نعيد المسلمين لدينهم ونعيد الإسلام لقيادة العالم كما سبق للمسلمين أن قادوه لأكثر من ألف عام، هذا القسم هو محور حديثنا ومحل نصيحتنا واهتمامنا ونهدف إلى أن يصبح مسلمًا فاعلاً في الحياة وفق الخطوات التالية:

– الاجتهاد في فهم أسس ودعائم الإسلام فهمًا صحيحًا خاليا من دغل المرجفين وسموم المغالين والمدعين، وهذا الفهم يتطلب بذل الجهد والطاقة في تعرف الإسلام من منابعه الأصلية وبنفس المنهجية التي اتبعها المصطفى صلى الله عليه وسلم في بناء الشخصية المسلمة الواعية المحصنة من الوقوع في شباك المرجفين، عليك بالقرآن الكريم وتفسيره من العلماء العاملين، وعليك بالسنة النبوية الصحيحة وفهمها الفهم المقاصدي الصحيح مع تجنب الفهم الكهنوتي للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

عليك بقراءة القرآن القراءة الصحيحة، ومعرفة معاني الكلمات، ثم التدبر العلمي الفعلي في فهم الآيات ونفس المنهاج أعمله مع السنة النبوية، ابتعد عن التأويلات الشاذة والفاسدة والكهنوتية.

– عليك بالعلم النافع وتجنب العلم غير النافع، والعلم النافع كل علم يحتاج إليه المسلم لنفع المسلمين والإسلام من علوم شرعية وعلوم كونية، واحذر من تصنيف العلوم إلى علوم دنيوية وعلوم أخروية، أو علوم دينية وعلوم دنيوية واحتقار العلوم الكونية (أحياء، كيمياء، فيزياء، جيولوجيا، طب، فلك، جغرافيا، علوم الفضاء والتقنية الحديثة) هذه العلوم تبني الحياة والمدنية والحضارة والقوة والاستغناء عن العدو في المأكل والملبس والدواء والدفاع والتشييد والبناء وتعمير الكون، وتأتي العلوم الشرعية في تكامل مع العلوم الكونية لبناء العقيدة الصحيحة، والأخلاق العظيمة والفهم الصحيح للدنيا وأهميتها للمسلم مع التكامل والصحة النفسية وفهم الحياة الدنيا والموت والبعث والحساب والجنة والنار والحلال والحرام والعلاقات الإنسانية وفق منهاج الله وشرعه.

– يقول ابن المبارك رحمه الله: (كن عالمًا، أو متعلمًا، أو مستمعا، أو محبًا ولا تكن الخامس فتهلك).

العلم النافع هو الطريق الأول للمسلمين للتمكين في الأرض والعزة في الحياة، نحن نحتاج إلى التميز في العلوم الكونية، والتميز في العلوم الشرعية في تكامل، ومن دون العلم بمعناه الشامل لن نصل إلى الغاية من وجودنا في الحياة، نحتاج إلى المعلم المتميز والطبيب المتميز، والصيدلي المتميز، وعالم الذرة المتميز، والزراعي المتميز، والباحث العلمي والشرعي المتميز، والفقيه الواعي المتميز المبدع، والداعية المتعلم الفعال المبدع، نحن نحتاج إلى المرأة المتعلمة الملتزمة بدينها وإلى الرجل الفاهم لدوره الشرعي والعملي في الحياة، نحتاج إلى المذيع المسلم، والفنان المسلم، والمخرج المسلم، والتقني المسلم، والمخترع المسلم، والمحامي المسلم، والجندي المسلم، والاقتصادي المسلم، والصانع المسلم، والعامل المسلم والزارع المسلم، والبنّاء المسلم وهكذا، وكل هذا لن يتحقق إلا بالعلم النافع والنية الخالصة لله تعالى.

– نحتاج إلى نظام تعليمي فعال بمناهج فاعلة وطرائق تدريس فعالة، ونظام تقويمي فعال يقيس المستويات العليا في التفكير، تعليم يقوم على الحوار والنقاش والتقصي والأنشطة الميدانية العملية لتخريج المتعلم الإيجابي والواعي والفعال، والمفكر الحر قوي الشخصية، سوي النفس والسلوك وهذا تحقق في مدرسة النبوة، خرجت العلماء والمجاهدين الذين حملوا الأمانة بعد وفاة معلمهم الأول صلى الله عليه وسلم وفتحوا البلدان والعقول، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولم يبدلوا تبديلاً، حموا دولة الإسلام الوليدة، وجاهدوا المرتدين عن الدين، وردعوا الفرس والروم، وجمعوا كتاب رب العالمين، ووحدوا طبعة المصحف الشريف، وحفظوا السنة النبوية، امتدت دولتهم من جنوب فرنسا حتى عدن وعمان والسودان، ومن المجر إلى إسبانيا والصين والهند والبلقان.

هكذا كانت الشخصية الإسلامية الإيجابية الواعية المتعلمة الفعالة المبدعة المخلصة المطيعة في الطاعة والناهية عن الفساد والتخلف والجهل والمعصية.

التمكين في الأرض يحتاج إلى القوة العلمية، والقوة العقلية، والقوة التقنية، والقوة الزراعية، والقوة الصناعية، والقوة التجارية والشخصية المؤمنة القوية التي تفهم دينها الفهم المقاصدي الصحيح، وتطبق علمها ودينها التطبيق العلمي الصحيح، المسلم الإيجابي بعيد عن الانعزال عن الحياة، بعيد عن حبس الدين في العبادات بمعناها الضيق، فالعبادة تشمل كل مناشط الحياة كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أول الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام 162-163)، كل مناشط الحياة عبادة وإسلام في دين الإسلام.

قال تعالى: (إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا) (الكهف 84-85).

وقال تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إذا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إذا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا* فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) (الكهف 95-97).

هكذا يفهم المسلمون والمؤمنون شمولية العبادة ورسالتهم الإيجابية في الحياة الدنيا ومنع الضرر والفساد من أن يستشري في الحياة، ويحل العمران وتحل القوة والسعادة والأمان والعدل والحرية في الحياة.

كن إيجابيا تكن مسلما، وكن عالمًا أو متعلما أو مستمعًا للعلم والعلماء أو محبا لهم تنجو، ولا تكن الخامس فتهلك والعياذ بالله.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – مع الصائمين – العدد ١٥٠٣٤ – الجمعة ٢٤ مايو ٢٠١٩م ، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٠ هـ