في موقف لقائه مع قيصر عظيم الروم قصة من روائع القصص، قصته تبين مدى هِمَّة مخرجات مدرسة النبوة وتفوقهم على إدارات ومخرجات مدارس الفرس والروم.

من الاتجاهات الحديثة الزراعة العضوية.

فهل سألت نفسك ما الأساس العلمي للزراعة العضوية؟

ملخص التسميد العضوي أننا نغذي النبات على وليمة ناتجة من عجن وفرم وطبخ المخلفات النباتية والحيوانية والبشرية الناتجة من الحظائر والمصانع والمنازل والأسواق والمطاعم والحقول والحدائق والشوارع.

ولكن كيف تتحول تلك المخلفات إلى ولائم غذائية للنبات؟! ومن يتكفل بالعمل في هذه المخلفات؟!

لقد خلق الله سبحانه وتعالى ملايين العمال من الكائنات الحية التي تعمل ليل نهار بلا انقطاع على تحويل المخلفات العضوية إلى سماد مغذٍ ومفيد للنبات، ومن العمال المهرة البكتريا والفطريات والحيوانات الأولية والأكتينوميسيتات والنبات الموجودة بأعداد هائلة في التربة وكومات تصنيع السماد حيث تقوم البكتيريا بفعلها الإنزيمي بتحليل البقايا النباتية والحيوانية والبشرية وتحويلها من مواد كيميائية معقدة التركيب يصعب على النبات الاستفادة منها تحولها إلى مواد أقل تعقيدا وأبسط تركيبا يستطيع النبات والكائنات الحية الدقيقة الأرضية الاستفادة منها، فهي تحلل السيليلوز واللجنين والبكتين من المواد العضوية بهذه الآلية.

وتقوم الفطريات بإنتاج فيض من الإنزيمات والأحماض العضوية فتحلل وتفتت المواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية وهي مواد معقدة التركيب كما أسلفنا كبيرة الجزيئات وتحولها إلى مواد بسيطة التركيب يسهل على النبات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى امتصاصها والتغذية عليها، كما تقوم الحيوانات الأولية والديدان الحلقية في التربة بنفس الفعل الحيوي في تفتيت وتحطيم وطبخ وعجن المواد الموجودة في المخلفات وتحويلها إلى سماد عضوي، وقد سمى الله تعالى في القرآن الكريم هذه المواد المفتتة والمحطمة والمعجونة والمطبوخة كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ.

والهشيم: هو المفتت من نبات الحظيرة، وهذا التحطيم يحتاج إلى المواد التالية:

الماء: وهو مطلوب مهم لعملية التفتيت والعجن والطبخ للمخلفات.

والنبات: هو المنتج الرئيس للمخلفات العضوية النباتية والحيوانية.

والأرض: هي وسط التحلل وبيئته.

والَهَشِيمِ: أحد مراحل التحطيم والتكسير والتحلل الرئيسة.

والحظيرة وكومة السماد هي كالأرض البيئة والوعاء الذي يتم فيه العمليات السابقة.

والْمُحْتَظِرِ: هو العامل البشري الذي يقوم بتهيئة البيئة الصالحة للعجن والطبخ والتحلل والتخمر وجمع المخلفات ونواتج التحلل للاستفادة منها في تسميد النبات.

ماذا يحدث في الحظيرة وكومة المخلفات؟ تختلط النباتات وبقاياها بالتراب والماء والبكتيريا والفطريات والحيوانات الأولية وديدان الأرض، وتختلط بالمخلفات الحيوانية وتدوسه الحيوانات وتخلطه وتعجنه بأرجلها وتخلطه ببولها وبرازها وتحول كل ذلك إلى بيئة غذائية صالحة لنمو وتكاثر وتغذية الكائنات البكتيرية والفطرية والحيوانية والنباتية ويتحول كل ذلك إلى سماد عضوي مهم للنبات في الحقول والمزارع والحدائق والصوب الزراعية.

وبذلك تتحول أرض الحظيرة وكومة السماد إلى مصنع معجز ودقيق وفعال لتصنيع السماد العضوي، هذا المصنع يعمل فيه ملايين العمال البكتيرية والفطرية والحيوانية والنباتية دون عناء منا أو كلفة مالية عالية أو رواتب شهرية أو أجور يومية أو إجازات سنوية أو عارضة.

إن أرض الحظيرة أو كومة السماد عالم عجيب وفريد ومنظم يعمل بحكمة بالغة وتقدير وتدبير محكم للغاية، التفاعلات الحيوية داخل هذا النظام البيئي ترفع درجة حرارة المخلفات إلى سبعين درجة سيليزيه تقضي على الفطريات والبكتريا الطارئة على المكان والمسببة للأمراض للإنسان والحيوان والنبات، وقد لخص الله تعالى كل هذه العمليات التي تشرح في مجلدات لخصها في كلمتي (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)، لأن هَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ هو المنتج المهم الذي تحول فيه الكائنات الحية الدقيقة والحيوانات الأولية المخلفات العضوية إلى سماد عضوي حيوي ومهم ومفيد وغير ضار بالإنسان والحيوان والبيئة.

فمن فعل هذا؟ ومن قدر هذا؟ ومن نظم هذا؟

هل يعقل أن تتم هذه العمليات بعشوائية ومن دون علم وتدبير وحكمة؟!

إن كومة سماد مهملة في أي قرية نائية عند فلاح تمثل أكبر مختبر حيوي تتم فيه العديد من دورات الحياة التي يشرحها العلماء في كليات العلوم والزراعة في مجلدات ومقررات متقدمة في مجالات الكائنات الحية الدقيقة، وفسيولوجيا النبات والتسميد وتغذية النبات والتنوع الحيوي، كل هذا يتم في هدوء تام في ركن من أركان أرض هذا الفلاح الذي أنعم الله تعالى عليه بنعم خفية.

للعمليات الحيوية التي تتم أسفل الحيوان وفي كومات السماد أهمية بيئية، والتنمية المستدامة في مجال الزراعة العضوية.

ولها أهمية غذائية وزراعية لتسميد الأرض بطريقة صحية وآمنة وخالية من الأسمدة الكيماوية المصنعة والمضرة بالبيئة والإنسان والحيوان.

تعلمنا المعلومات السابقة أنه على كل زارع وصاحب حديقة أو مزرعة أن يجتهد في إنتاج السماد العضوي من المخلفات الزراعية واستخدامه في تسميد النبات وإنتاج المنتجات الزراعية بالزراعة العضوية.

المطلوب منا أن نجمع المخلفات العضوية النباتية والحيوانية والبشرية ونضعها في حفرة في ركن بعيد من أركان المزرعة ونبللها بالماء كل مدة ونتركها إلى أن تتحلل وتتفكك وتختفي معالم المخلفات الأصلية لنعطي سمادا عضويا مفيدا.

إن أي كومة سماد تعلمنا أن الحياة على الأرض منظمة، ولا مجال فيها للمصادفة والعشوائية وأن خلف هذا التنظيم والإحكام إله خالق عليم لطيف خبير قدر فهدى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه (50).

ونقول للملحدين: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) لقمان (11). والحمد لله رب العالمين.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٤٦٥١ – الجمعة ٠٤ مايو ٢٠١٨ الموافق ١٨ شعبان ١٤٣٩هـ