حديثنا اليوم عن أهم كائن حي يعيش معنا على الكرة الأرضية، هذا الكائن موجود فقط على الأرض دون باقي الاجرام السماوية، هذا الكائن يمدنا بالغذاء والاكسجين، وإن غاب غابت الكائنات الحية الأرضية رغم وجود الماء وتوافره، هذا الكائن هو النبات، فهل سألت نفسك كيف ستكون الحياة على الأرض من دون النبات؟!

إن غاب النبات من على الأرض فإنها تتحول إلى كتل صخرية وحصوية ورملية تسطع عليها الشمس بحرارتها فتحولها الى كتل حارة ساخنة يحيط بها بخار الماء الحار الساخن طوال سطوع الشمس، وعندما تغيب الشمس تبدأ البيئة الأرضية في البرودة، وتتجمد المياه في بعض الأماكن، وهكذا تتكرر العملية كل يوم، إنها بيئة خالية من المواد العضوية والكائنات الحية، من هنا نتعلّم ونعلم أن النبات سابق الوجود على الأرض قبل أي كائن حي آخر، وكيف توجد الكائنات الحية من دون غذاء ومواد عضوية، فالنبات هو المصنّع الأساس للغذاء والأكسجين على الأرض، والورقة النباتية أهم مصنع لإنتاج الغذاء والدواء والأكسجين على الأرض، هذا المصنع هو الذي أنتج كل اكسجين العالم، وهو الذي أنتج الحبوب والبذور والثمار والخشب والفحم النباتي وكل المواد العضوية الموجودة على الأرض، وهو المصدر الأساس لكل بترول العالم، وكل مطاط العالم، وكل فحم العالم، ولو توقف عمل هذا المصنع الفريد والعجيب فستختفي الحياة من على الأرض رغم توافر الماء وضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون وهي المواد الداخلة في عملية البناء الضوئي، فكل نبات على الأرض هو مفاعل ذري حيوي لتثبيت الطاقة الشمسية على الأرض وإنتاج الأكسجين. النبات يقتنص ضوء الشمس وحرارتها ليعطي الطاقة الحيوية والغذاء.

النبات بما أودع الله تعالى فيه من خصائص يحول ضوء الشمس والماء والقليل القليل من المعادن والأملاح في التربة يحولها إلى بطيخ وتفاح وفول وبرتقال وزيتون وتين وحمص وزعتر وزيت وبرسيم وأرز وقمح وشعير وشوفان وبلح ورمان وخس، وكرنب (ملفوف) وكل منتج نباتي في العالم.

بكل بساطة، لو غاب النبات فلن توجد أي مادة غذائية أو عضوية على الأرض، انظر إلى طعامك في الصباح والغداء والعشاء تجد أن المصنّع الأول لكل هذه المواد الغذائية النبات، قال تعالى (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا *ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا *فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا *وَعِنَبًا وَقَضْبًا* وَزَيْتُونًا وَنَخْلا* وَحَدَائِقَ غُلْبًا* وَفَاكِهَةً وَأَبًّا* مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلانْعَامِكُمْ) (عبس 24-32).

الحيوان يأكل النبات ليعطي اللحم والشحم والسمن والجلد والعظم والشعر والوبر والصوف والسماد العضوي، واللبن والقوة التي يتحرك بها ويستغلها الإنسان والحيوان، ويحدث التوازن والتنوع الحيوي في البيئة الأرضية.

فهل سألت نفسك يوما لماذا خلق الله تعالى النبات؟! لو غاب النبات من البحار والأنهار هلكت كل أسماك العالم، وكل الحيوانات البحرية، ويموت البحر نفسه كما هو الحال في البحر الميت. البحر يحتوي الملايين من النباتات الهائمة، والسابحة، والمثبتة والقاعية، هذا النبات بأقسامه المختلفة يعطي الأطنان من الغذاء لباقي الكائنات الحية البحرية. الأجرام السماوية عليها الماء وضوء الشمس ولكن لغياب النبات فلا حياة على تلك الأجرام، ولن توجد عليها حياة لغياب النبات.

الباحثون يحاولون نقل بعض النباتات الأرضية إلى بعض الأجرام السماوية بغرض إحيائها ومحاولة تهيئتها للعيش عليها، ونحن نقول لهؤلاء: أليس من الأجدى والأجدر أن نعمر الأرض، ونحيي مواتها، ونبذل الجهد والمال والعلم على تلك المساحات الأرضية الواسعة التي هيأها الخالق سبحانه وتعالى للاستصلاح والزراعة والإنتاج؟!

أليس من الأجدر إنفاق الأموال على إيجاد طرائق علمية إبداعية للري وتحلية مياه البحر، وتخزين مياه الأمطار والسيول وإعادة تدوير المياه المستعملة؟

لقد ركز الله سبحانه وتعالى في الجزيء الوراثي (DNA) خصائص حيوية نتمكن بمعرفتها من إنتاج كميات هائلة وأحجام كبيرة ونوعيات متميزة من المنتجات الزراعية المفيدة والصحية، هذه ليست دعوة إلى توقيف البحوث العلمية على الأجرام السماوية ولكنها دعوة إلى استغلال خيرات الأرض التي قدرها الخالق سبحانه وتعالى في النباتات البرية والنباتات المزروعة في الأرض، فبالبحث العلمي في النبات تم إنتاج ثمرة يقطين تزن اكثر من طن وإنتاج عنقود عنب يزن اكثر من ثلاثين كيلوجراما، وإنتاج ثمار فلفل ضخمة، وبطيخ عملاق وكلها ثمار صالحة للاستخدام الغذائي للإنسان والحيوان ولا ضرر منها، النبات خلق معجز من خلق الله، منه النباتات النجمية (التي لا ساق قائمة لها) (النجم والشجر يسجدان)، ومنه النباتات الشجرية والشجيرات والعرائش والملتفات والمتسلقات والجاريات والزاحفات والضخمة جدا (كالصنوبر) والصغيرة جدا كنبات عدس الماء.

الأرض من دون النبات خالية من الحياة موحشة مقفرة مخيفة لا تصلح للحياة والنبات يحولها إلى جنان وحدائق ذات بهجة مليئة بالورود الجميلة والروائح الشذية التي تجذب الحشرات المفيدة كالنحل، النبات يستغل هيدروجين الماء وضوء الشمس وحرارة الشمس وكربون ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الأكسجين والمواد العضوية للكائنات الحية.

هذا النبات يعلمنا أن كل شيء في الأرض مخلوق لغاية مقدرة، وبحكمة بالغة وإبداع فريد، وهذا ينقض نظرية العشوائية في الخلق ويحطم كهوف الملحدين الضالين، وعلى الانسان أن يتعرف نعم الله الأرضية ويدرسها دراسة علمية ويحافظ عليها ويشكر الله تعالى عليها، فقد أعطانا هذه النعم تفضلا منه ورحمة وكرمنا الله تعالى بنعمه البالغة في النبات وغيره.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٤٦٣٠ – الجمعة ١٣ أبريل ٢٠١٨ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٣٩هـ