اهتم القرآن الكريم بالمجموعات اللونية في الكائنات الحية وغير الحية اهتمامًا كبيرًا بما يدلل على أهمية الألوان في التفريق بين هذه المخلوقات وإضفاء البهجة عليها والسرور على من يراها ويدقق فيها، قال تعالى: ‭{‬أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ‭}‬ فاطر: 27-28}.

وعلى المختصين في علوم الأرض بيان ما في الجبال من تباينات تركيبية كيميائية وفيزيائية أدت إلى وجود الجبال والصخور البيضاء والحمراء وشديدة السواد، وعلى علماء علم الحيوان بيان التجمعات اللونية في أجناس المملكة الحيوانية، وعلى كل متخصص في علوم الأرصاد الجوية والفلك والمياه والتربة أن يدرس هذه الألوان دراسة علمية وبيان أسبابها وأهميتها في المملكة الحيوانية وغيرها، وفي هذا المقام سنبين التفسير العلمي في قوله تعالى: ‭{‬ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا‭}‬ لنبين اختلاف الجذور والأوراق والأزهار والثمار.

– ففي عالم النبات العجب العجاب في الألوان بمختلف ألوانها ونسبها ودرجاتها فهناك في عالم النبات الألوان الخضراء والحمراء والصفراء والبرتقالي والبيض والقرمزي والقرنفلي والبنفسجي والأزرق والنيلي. وأهم الألوان الموجودة في النبات صبغ الكلورفيل (Chlorophyll) أو اليخضور والخَضِر بأنواعه المختلفة المفضية على الأعضاء والأجزاء النباتية اللون الأخضر الجميل والبديع، وفي النبات أصباغ الكاروتينيدات (Carotenoids) أو الجزرينات (نسبة للون جذور الجزر والتي تتدرج ألوانها من اللون الأصفر إلى اللون الإرجواني (Purple) الواقع بين الأحمر والأزرق بدرجاتها المختلفة كما توجد أصباغ الفيكوبللينات (Phycobillins) بألوانها المختلفة من الأحمر والأزرق، وتوجد أصباغ اليصفورات أو الزانثوفيللينات (Xanthophyllins) أصفر اللون بدرجاته وأنواعه المتعددة، وتوجد هذه الأصباغ عادة في البلاستيدات الملونة (Chromoplast) وتوجد هذه الأصباغ في النبات إما منفردة نقية أو مختلطة لتعطي ألوان ذات بهجة للأزهار والثمار والأوراق والجذور المختلفة الألوان.

– وتظهر البلاستيدات الملونة (Chromoplast) تحت المهجر الإلكتروني متكورة أو عُدسية الشكل أو مستطيلة أو معينة، وهي مغلفة بأغشية بلازمية مزدوجة، وتوجد هذه البلاستيدات بوفرة في جذور الجزر والبنجر واللفت وبتلات معظم الأزهار وفي الثمار الملونة كثمار الطماطم والفلفل والتفاح والبرتقال، وتختلف ألوان البلاستيدات الملونة فمنها الأحمر والأصفر والبرتقالي وغير ذلك ويعزى هذا الاختلاف اللوني الجميل إلى نسبة الأصباغ الملونة فازدياد نسبة الجزرين (الكاروتين Carotene) يجلب اللون الأحمر، وازدياد نسبة اليصفور (الزانثوفيل Xanthohyll) يجلب اللون الأصفر وهكذا.

– وتقسم ثمار البطيخ Citrus vulgaris حسب لون الثمرة الخارجي إلى مجموعات منها:

– اللون الأخضر الفاتح به عروق خضراء قاتمة.

– لون أخضر مصفر به خطوط خضراء فاتحة.

– لون أخضر فاتح به خطوط خضراء قاتمة.

– لون أخضر متوسط إلى قاتم به خطوط طولية أشد قتامة.

– لون أخضر فاتح به عروق لونها أفتح.

– لون أخضر متجانس.

– واللون الداخلي ينقسم إلى الأحمر والقرمزي والوردي والأصفر والأبيض.

– والشمام يندرج لونه من الأخضر إلى المخضر والمصفر والأصفر.

– والكوسة يندرج لونها من الأخضر الفاتح المبرقش بالأبيض إلى الأخضر القاتم المائل إلى الرمادي.

– كما يختلف لونها الداخلي من الأبيض إلى الأخضر الفاتح والكريمي المصفر وهناك القرع العسلي الأصفر الفاتح والأصفر الداكن.

– بالنسبة إلى الطماطم يرجع لونها الأحمر إلى وجود صبغة الليكوبين (Lycopene)، كما تحتوي صبغة البيتا كاروتين الصفراء، وهناك الثمار القرمزية اللون.

– وبالنسبة للفلفل فإن فيه اللون الأخضر والأصفر والأحمر والبني والأسود.

– والباذنجان منه الأبيض والأخضر والأرجواني الفاتح والأرجواني الغامق.

– والفراولة تكون الثمار بيضاء وخضراء عند بداية عقدها ثم تتحول إلى اللون الوردي ثم اللون الأحمر.

– وبالنسبة لجذور البنجر (الشمندر) فإن اللون الأحمر يعود إلى وجود صبغة البيتاسيانين Betacyanine كما يحتوي البنجر صبغة البيتازانثين Betaxanthie الصفراء.

– وبالنسبة لجذور الجزر الأصفر فيه صبغة الألفا كاروتين Alphacarotene والبيتا كاورتين Betacarotene والليكو بين Lycopene في الجزر الأحمر.

– أما البطاطا فإن لونها يتوقف على نسبة الكاروتين والبيتا كاروتين.

– كما تختلف ألوان الأزهار اختلافًا لونيًا كبيرًا ومميزًا.

من هنا نفهم أن الله تعالى الودود زود هذه الثمار والجذور والبتلات وكذلك الأوراق بألوان مختلفة تحبب الأعضاء النباتية للإنسان وتحميه من بعض الأمراض وخاصة المواد المؤكسدة.

– ومن العجيب أن يكون ماء الري واحد، والتربة الزراعية واحدة متجاورة والبيئة المحيطة بالنباتات واحدة، والخدمة الزراعية واحدة وهذا يعطي ثمارًا حمراء، وآخر يعطي ثمارًا صفراء، وقد يتدرج لونها من الأخضر إلى الأحمر والأسود كما هو الحال في ثمار البلح أو تتدرج من الأخضر إلى القرمزي كما هو الحال في الزيتون أو من الأخضر إلى الأحمر والأصفر والبني والأسود كما هو الحال في الفلفل والطماطم وهذا من طلاقة القدرة في الخلق فسبحان الخالق المقدر المبدع وهذا يدلل على أنه لا مصادفة أو عشوائية في الخلق كما يدعي الدارونيون.

– المصدر: كتابنا آيات معجزات في الشكل الظاهري للنبات حيث توجد في صفحة (84) المصادر التي أخذنا منها هذه المعلومات خاصة مؤلفات الدكتور أحمد عبدالمنعم حسن.

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٥٥٢٦ – الجمعة ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٠ م، الموافق ٠٨ صفر ١٤٤٢هـ