في مشهد عجيب طلبت إحدى المعلمات في مدرسة للبنات أن تحضر كل طالبة قفلا حديديا ثم تتمنى ما تريد أثناء إقفاله وتُعلِّقه على أحد (الأرفف) بالمدرسة، وقد ذكرتني هذه الواقعة الجديدة المقلِّدة للدول الغربية بالواقعة القديمة التي كان المشركون يصنعونها مع بعض الأشجار المسماة بذات أنواط، حيث يعلقون عليها سيوفهم طلبا لجلب النصر على الأعداء

فعن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سِدرة (شجرة) يعلقون عندها وينوطون بها (أي يُعلِّقون بها) أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر إنها السنن قلتم ـ والذي نفسي بيده ـ كما قالت بنو إسرائيل لموسى: «اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُم فِيهِ وَبَاطِل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* قَال أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهًا وَهُو فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ» الأعراف (138ـ140).
ـ وقد شاهدت في إحدى الفضائيات بإحدى الدول الغربية أنهم يعلقون الأقفال على سور أحد الجسور لجلب الحظ والارتباط مع الحبيب وهو نفس المسلك العجيب الذي أحضرته إحدى المعلمات في إحدى مدارس البنات. وقد نبأنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أننا سنتبع المشركين والكفار حذو القُذَّة بالقذة والقدم بالقدم حتى لو دخلوا جحر ضب خرب دخلناه خلفهم من دون تفكير أو عودة إلى العقل والدين والسلوك المستقيم.
ـ تعرّوا فتعرينا، واعتبرنا ذلك من المدنية والتقدم، والستر والحشمة واللباس الشرعي للمرأة من التخلف وإقفال العقل.
ـ احتفلوا بعيد للحب؛ فاحتفلنا بعيد الحب.
ـ احتفلوا برأس السنة الميلادية وبابا نويل؛ فاحتفلنا بنفس نمطهم في الاحتفال.
ـ عبدوا الشياطين؛ فعبد بعض أبنائنا الشيطان.
ـ استخدموا جسد المرأة في الإعلانات العامة؛ فاستخدموه في إعلاناتنا.
ـ علقوا التمائم والحظاظات لجلب الحظ؛ فعلقناها.
ـ علقوا الأقفال المغلقة لجذب الحظ؛ فعلقناها.
ـ قلدناهم في التفاهات والشركيات، ولم نقلدهم في الصناعات والزراعات والإبداع في التدريس والتعليم والسياسة والتقدم التربوي والبحث العلمي.
ـ سلكنا سلوك المنهزمين أمام ثقافة المنتصرين.
ـ جاء الإسلام لتحرير العقول من الجهالات والخرافات والشركيات، وتحرير الإنسان من العبودية وتحرير الدين من الكهنوت وصكوك الغفران كما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه لرستم قائد الفرس: إن الله ابتعثنا وجاء بنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ظلم الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وقال تعالى: «إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُم أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» الكهف (7). فالأرض بكل ما عليها من خيرات ونعم وضعت للإنسان ليحسن استغلالها الاستغلال الأحسن فيتقدم زراعيا، وصناعيا، وتجاريا وتربويا وعلميا، ويعمر الكون بنواميس الله في الخلق، وبدلا من أن نعلم بناتنا التوحيد الخالص وعدم التعلق بالخرافات تقوم المربية بتعليم البنات الشرك والتعلق بالأقفال وإغلاق العقول وإبعاد المفاتيح عن الأقفال حتى لا يكون هناك أي أمل في فتحها وفتح العقول معها أو تدبر آيات التوحيد في ديننا الحنيف.
ـ وقد وضع الإسلام قواعد للدين، تميز بين المؤمنين والمشركين منها: أن نعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرين أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت النافع الضار الذي يدبر جميع الأمور والدليل قول الله تعالى: «قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ» يونس (31).
ـ ومنها أنهم يقولون: ما توجهنا إليهم ودعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة نريد من الله لا منهم لكن بشفاعتهم والتقرب إليهم ودليل ذلك «وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» يونس (18). (انظر مجموعة التوحيد، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة، المملكة العربية السعودية (ص152) (1999م).
ـ هكذا تشابه سلوك تعليق الأقفال وطلب تحقيق الأمنيات منها بسلوك الجاهلين الذين جاء الإسلام ليحررنا من سلوكهم ومعتقداتهم ولكن للأسف الجهلاء من بني جلدتنا يقلدون من دون تفكير وعلم، ويقومون بهدم عقيدة التوحيد والتعلق برب العالمين الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، وعندما تخلصنا من الشركيات والخرافات واتجهنا إلى العلم والعقل السليم والدين القويم فتحنا العالم بفضل الله ثم بفضل فهمنا لدين الله، وهذا ما بينه ربعي بن عامر رحمه الله ورضي الله عنه لرستم قائد الفرس.
ـ نحتاج إلى إعادة النظر في تعليم العقيدة لأبنائنا وتعليمهم شمولية العبادة لتشمل كل مناحي الحياة، وتعلُّم التعلق بالله بعد العمل الجاد والفعال.
ـ ألم يكن من الأجدر أن يوجه ثمن هذه الأقفال المهدرة إلى مشروع بيئي أو خيري ينفع الطالبات والمجتمع؟!
ـ نرجوكم انتبهوا قبل أن تقلّدوا، وفكّروا قبل أن تنفذوا، وتعلّموا قبل أن تُعلّموا!!

نشرت هذه المقالة في جريدة أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد : ١٣٤٣٣ – الجمعة ٢ يناير ٢٠١٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٣٦ هـ